کد مطلب:163904 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:211

الامام الحسین و تکاملیة العطاء
نستلهم من هذه الذكری التی تتجدد كل عام انه حینما یرید الانسان أن یهب نفسه لله فلا یجب أن یطلب لنفسه شیئاً مما وهب، لان الافضل أن یهب الكل وإلا فلا یجب علیه أن یسقط من فكره الذاتیة، واسقاط الاعتبارات الذاتیة هو الهدف الذی من أجله قام الامام الحسین (ع) فی كربلاء، فلقد أعطی الامام الحسین (ع) جمیع من حوله الاذن بالبراز، وأول من بارز أمام الامام الحسین (ع) ابنه علی الاكبر(ع) وهو أحب أبنائه الی قلبه، فكم كان الامام الحسین (ع) یحبه، لانه بقدر التصاق الائمة والمصلحین بمبادئهم ورسالاتهم یلتصقون بالمعانی الانسانیة فهم یبلغون القمة فی شفقتهم علی أبنائهم، لاسیما اذا كان الابن یمثل فی ذاته رسالتهم مثل [علی الاكبر «ع»] الذی هو أشبه الناس خلقاً وخلقاً برسول الله الذی یقول عنه الله عز وجل:

«وانك لعلی خلق عظیم».

فتتجدد محبة الامام الحسین (ع) لابنه الاكبر لانه رمز لرسول الله الذی هو بدوره رمز للاخلاق الفاضلة، ولكن مع كل ذلك یأذن لابنه بالبراز ویقدمه فی طلیعة أهل بیته وأنصاره (ع)، ومعنی ذلك ان الامام الحسین (ع) وهب كل ما یملك مثالاً آخر علی ثورته، انه ضحی بابنه الطفل البالغ من العمر ستة أشهر فلقد رآه یصارع الموت، وهذا الطفل الذی كان یمثل بالنسبة لمثل عمر الامام الحسین (ع) أملاً كبیراً، لان الطفل امتداد للانسان، وحب الانسان لطفله إنما هو لابراز شخصیته فی المستقبل وتنشئته نشأة صالحة، هذا هو الحب الذی ینبعث ویشتد كلما شعر الانسان بالخطر.

والامام الحسین-علیه الصلاة والسلام-لم یشعر بالخطر فقط وإنما كان عنده علم الیقین بأنه سوف یموت ومع ذلك أخذ ابنه معه وهو یعلم طبیعة نیات القوم، وما ذا سیفعلون به، ولكنه برغم ذلك یذهب به لیطلب له شربة من الماء، فیذبح علی یدی والده (ع)، وینقل التاریخ بأن للامام الحسین (ع) طفلین رضیعین قتلا فی كربلاء، الاول كان عمره ستة أشهر، والآخر كان عمره ساعات، هذا عن الجانب المادی بالنسبة لتضحیة الامام الحسین (ع).

وفی الجانب المعنوی أیضاً قدم (ع) شیء، فبقدر ما كانت كربلاء ألیمة ومفجعة ماوراء ها من اتهامات كبیرة نجد أثرها حتی هذا الیوم، وهی كذلك ألیمة ومفجعة، فشریح القاضی وما أكثر من أمثاله فی واقعنا المعاصر یفتی بوجوب قتل الامام الحسین (ع) حتی بلغ الامر أن یقول الامام الصادق (ع) عنه:

«ازدلف إلیه ثلاثون ألفاً كلهم یتقربون الی الله سبحانه وتعالی بسفك دمه».

هكذا عملت الدعایات المظللة بأدمغة الناس، وبعد أن قتل الامام الحسین (ع) وسبی أهل بیته، كان یعتقد الناس بأنهم سبایا الترك أو الدیلم، وهذا سرعظمة الامام الحسین-علیه السلام-إذ أنه قدم نفسه وأهل بیت فداء لدین الله مختاراً.

ان الانسان ربما یختار الثورة لنفسه لكنه لن یكون مستعداً للتضحیة بأهله وأقاربه، فیرضی لنفسه الشهادة ولا یرضی للاقرباء والاولاد خوفاً علیهم، وهناك الكثیر من الناس یحجم عن الاعمال الثوریة، والعمل فی سبیل الله بالخوف من التضحیة أساساً.

انه من الخطأ أن یخشی الانسان علی أقربائه من أن یقتحموا الثورة، لأن الواجب أن یثور ویسمح لغیره بالثورة، لانه لیس الذی یبتلیهم، وإنما الطاغوت هو الذی یضغط علیهم، فاذا ثار المجاهد مثلاً واعتقلت السلطة الطاغوتیة زوجته وأولاده ووالدیه، فاعلم علم الیقین انهم دخلوا ساحة النضال من أوسع أبوابها، أما هو فله الثواب أن ادخل الآخرین فی ساحة النضال كون ساحة النضال مباركةً فلیدخلها الجمیع.

اننا نجد الامام الحسین (ع) مثلاً یأتی بكل اهل بیته (ع) الی صحراء كربلاء، وهو یعلم ماذا سیحدث فقد قال الامام الحسین (ع) عندما سأله ابن عباس عن سبب خروج النسوة معه قال:

«لقد شاء الله أن یراهن سبایا».

ومع علمه بذلك إلا أنه یذهب بهن مطمئناً لعلمه ان هذا درس عظیم من دروس الثورة الاسلامیة، إذن تقدم ولا تفكر فیما یصنع من خلفك فان الله سبحانه حامیهم وحافظهم.